ألزهايمر المبكر: الأعراض، الأسباب، والتشخيص

لا يُصِيب مرض ألزهايمر كبار السن فقط، بل قد يكون الشباب مُعرّضين إليه أيضًا فيما يُعرَف بمرض ألزهايمر المبكر، الذي يُمثِّل 5 - 10% من حالات مرض ألزهايمر، ولا يكتفي ذلك المرض بفقدان الذاكرة فقط، بل يُؤثِّر في أداء المهام اليومية واتخاذ القرارات أيضًا، فما أعراض مرض ألزهايمر المبكر؟ وكيف يمكن الوقاية منه؟

ما هو ألزهايمر المبكر؟

مرض ألزهايمر هو شكل من أشكال الخرف، يصحبه فقدان الذاكرة ومشكلات في السلوك والتفكير، ويكون مبكرًا إذا أصاب من هم أصغر من 65 عامًا من العُمر، فقد يظهر حتى في الثلاثينيات من العُمر أحيانًا. ونحو 5 - 10% من حالات مرض ألزهايمر هي ألزهايمر المبكر.

أعراض ألزهايمر المبكر

لا تختلف أعراض ألزهايمر المبكر عن المتأخر الذي يُصِيب كبار السن؛ إذ يُؤثِّر في الذاكرة وفي قدرتك على أداء المهام اليومية؛ إذ تتضمّن أعراضه:

1. فقدان الذاكرة

قد تنسى كثيرًا من التواريخ والتفاصيل المهمة للأحداث، وربّما تجد نفسك تطلب من غيرك تكرار المعلومات أكثر من المعتاد، أو ربّا تفقد متعلقاتك باستمرار من وقت لآخر، أو غير ذلك مما يدل على فقدان الذاكرة.

2. صعوبة حل المشكلات وإتمام المهام المعقدة

قد يُواجِه المصاب بمرض ألزهايمر المبكر صعوبة في اتّباع التعليمات أو الوصفات، أو إكمال المهام الصعبة في العمل، كما قد يُواجِه صعوبة أيضًا في تطوير الخطط.

3. صعوبة أداء المهام اليومية

كذلك قد يُعانِي المرء صعوبة في أداء المهام اليومية المألوفة، فقد يكون من الصعب عليه:

• الذهاب إلى البقالة أو مطعم أو حتى مكان العمل.
• تحضير وجبة بسيطة.

وما يدل على ذلك أنّ الشخص قد يكون معتادًا على استخدام الهاتف لسنوات وفجأة لا يستطيع تذكّر كيفية إجراء مكالمة هاتفية، فهذا يعني أنّه من المحتمل أنّه مُصاب بفقدان الذاكرة المرتبط بمرض ألزهايمر.

4. مشكلات الرؤية والوعي المكاني

قد يُسبِّب مرض ألزهايمر المبكر أحيانًا مشكلات الرؤية، ما يجعل من الصعب تحديد المسافات بين الأشياء، كما قد يجد المرء صعوبة في التمييز بين التباين والألوان، أو الحكم على السرعة أو المسافة، وقد يظهر ذلك أيضًا في شكل صعوبة في فهم النص الذي قرأته للتوّ.

5. الارتباك بشأن المكان والوقت

قد يرتبك إدراك الشخص للأماكن أو الأوقات، فقد يكون من الصعب عليه تتبّع المواسم أو الأشهر أو الأوقات من اليوم.

كما قد يكون مرتبكًا عندما يكون في مكان غير مألوف، ومع تقدّم مرض ألزهايمر، يمكن أن يشعر بالارتباك في الأماكن المألوفة أيضًا، أو يتساءل عن كيفية وصوله إلى هذا المكّان.

6. إضاعة المتعلّقات وصعوبة تتبّع مكانها

عادةً ما يفقد أي إنسان بعض متعلقاته الشخصية من وقت لآخر، لكن عادةً ما يكونون قادرين على تحديد مكانها مرة أخرى من خلال استرجاع خطواتهم وأين تحرّكوا وتخمين المكان المتوقّع لما فقدوه، ثُمّ يبحثوا عنه في الأماكن المنطقية حسب تذكّرهم.

لكن في حالة مرض ألزهايمر، فليست هناك القدرة على كل ذلك؛ إذ لا يتمكّن المُصاب من استرجاع خطواته للعثور على الشيء المفقود، خاصةً إذا وضعه في مكان غير عادي، وهذا قد يجعل الشخص يعتقد أنّ ما فقده قد سُرِق منه في حين أنّه غير قادر على استرجاع الخطوات والبحث عنه بطريقةٍ صحيحة منطقية.

7. صعوبة إيجاد كلمات مناسبة للحوار

كذلك قد يكون خوض المحادثات أو البدء فيها صعبًا بعض الشيء، فقد تتوقّف المحادثات عشوائيًا في منتصفها، إذ تنسى كيفية إنهاء الجملة أو لا تستطيع العثور على كلمات مناسبة لإنهائها.

وبسبب ضعف الذاكرة، فقد تُكرِّر الكلام، وربّما تجد صعوبة في العثور على الكلمات المناسبة لوصف أشياء مُحدّدة خلال محادثتك.

8. سوء تقدير الأمور

يُعدّ سوء تقدير الأمور وصعوبة اتخاذ قرارات صحيحة من أعراض ألزهايمر المبكر، وهذا قد يتضح في:

• قضاء وقت طويل في أداء مهام غير ضرورية.
• وضع الأشياء بعيدًا في أماكن غير متوقعة، مثل وضع المفاتيح في الثلاجة!
• اتخاذ قرارات مالية سيئة.

9. تغيّرات المزاج أو الشخصية

قد تكون تغيّرات المزاج من علامات ألزهايمر المبكر، والذي قد يكون في صورة سرعة الانفعال أو الارتباك و القلق أو حتى الاكتئاب، كما قد يفقد المرء الاهتمام بالأشياء التي اعتاد الاستمتاع بها من قبل.

أسباب ألزهايمر المبكر عند الشباب

لا يُوجَد سبب واضح لحدوث ألزهايمر المبكر عند الشباب، لكن في حالة ألزهايمر عمومًا، تتراكم أنواع غير طبيعية من البروتينات في الدماغ، تُسمّى لُويحات الأميلويد والتشابكات الليفية العصبية.

وهذه البروتينات تُتلِف الخلايا العصبية في أجزاءٍ مُعيّنة من الدماغ، ما يُؤدِي إلى ظهور أعراض ألزهايمر

ويظنّ الباحثون أنّ زيادة الالتهاب قد يُسهِم في حدوث ذلك، كما قد تكون أمراض القلب والأوعية الدموية من العوامل المساهمة في حدوث ذلك أيضًا.

أشياء قد تسبب ألزهايمر

ثمّة بعض العوامل التي قد تزيد خطر الإصابة بمرض ألزهايمر المبكر، مثل:

• العوامل الوراثية: فإذا سبقت إصابة أحد أفراد العائلة بمرض ألزهايمر المبكر، فقد تكون أكثر عُرضةً للإصابة به.

الاقتراب من 65 عامًا: كُلّما اقتربت من بلوغ ذلك العُمر، زادت فرص الإصابة بمرض ألزهايمر المبكر، لكنّه أكثر شيوعًا مع بلوغ 60 عامًا مقارنةً ببلوغ 40 عامًا.

عوامل أخرى: مثل التدخين أو قلّة النشاط البدني أو مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو الاكتئاب.

تشخيص ألزهايمر المبكر

يبدأ تشخيص ألزهايمر المبكر من خلال التاريخ الطبي، وسؤال الطبيب المريض حول الأمراض التي سبقت إصابته بها أو الأدوية التي تناولها ثُمّ الفحص البدني أيضًا، فهذا قد يساعد في استبعاد المشكلات الأخرى التي يمكن علاجها بسهولة أكبر من مرض ألزهايمر.

كما قد يُجرِي الطبيب فحصًا عصبيًا شاملًا، ويتحقّق أيضًا من الصحة العقلية للشخص، لكن كلّ ذلك قد لا يكفي للتشخيص وحده، وتكون هنا حاجة إلى بعض الاختبارات، مثل:

تعداد الدم الكامل: يقيس مستويات خلايا الدم، ويساعد في استبعاد الأسباب الأخرى للأعراض، مثل العدوى.

لوحة أيضية كاملة: يُساعِد في استبعاد المشكلات الأخرى، مثل خلل مستويات بعض المعادن في الجسم.

اختبار الهرمون المُنبِّه للدرق: يُستخدَم في استبعاد اضطرابات الغدة الدرقية التي قد تكون سببًا للأعراض.

اختبار فيتامين ب12: يُحدِّد مستوياته في الدم، لاستبعاد أن يكون نقص فيتامين ب12 سبب الأعراض.

المؤشرات الحيوية في الدم أو السائل النخاعي: قد يساعد في الكشف عن ارتفاع بروتين تاو داخل السائل النخاعي، ما يساعد أحيانًا في تشخيص ألزهايمر المبكر.

تصوير الدماغ: سواء من خلال التصوير المقطعي المحوسبة أو التصوير بالرنين المغناطيسي، أو غيرها، فقد يكون تصوير الدماغ مفيدًا في بعض الحالات.

الفرق بين فقدان الذاكرة وألزهايمر

يكمن الفرق بين فقدان الذاكرة أو النسيان ومرض ألزهايمر في النقاط الآتية:

1. الذاكرة الحديثة

ثمّة مشكلات مبكرة وعميقة في الذاكرة الحديثة في حالة مرض ألزهايمر، حتى أنّ التلميح والقرائن لا تساعد في استعادة الذاكرة.

فمثلًا لو طُلِب منك تذكّر 3 كلمات؛ إحداها كلمة "موز"، وسُئِلت في ثلاث دقائق عن الكلمات الثلاثة، فقد لا تتذّر الموز، حتى لو قِيل لك أنّ واحدة من الكلمات كانت فاكهة.

أمّا في حالة فقدان الذاكرة العادي، فمن المحتمل أن تتذكّر الكلمة بعد أن تقديم إشارة لها أو تلميح، مثل أنّها فاكهة أو ما شابه.

2. استعادة الذكريات

قد يكون من الصعب استرداد الذكريات من التخزين طويل الأجل في حالة فقدان الذاكرة، ما يُؤدِّي إلى صعوبة الوصول إلى المعلومات، مثل تذكّر الأسماء، لكن قد تساعد بعض الأمور على التذكّر، مثل التلميح والقرائن.

3. الانتباه والتركيز

في حالة فقدان الذاكرة العادي المرتبط بالعمر، قد يكون لديك انخفاض في الانتباه والتركيز، لكن لا يتأثّر فهم العلاقات بين الأشياء والمفردات، بينما قد يتأثّر ذلك في حالة مرض ألزهايمر.

4. ذاكرة التسلسل الزمني والمصدر

إذا كُنت مصبًا بمرض ألزهايمر، فقد لا تتذكّر ترتيب الأشياء (الذاكرة الزمنية) أو من قال شيئًا ما (ذاكرة المصدر)، كما قد تواجه صعوبة في العثور على كلمات شائعة خلال المحادثات (مثل القلم أو المشاهدة أو ما شابه)، بل قد لا تذكّر أن المحادثات أو بعض الأحداث حدثت على الإطلاق.

نصائح للوقاية من مرض ألزهايمر المبكر

لم يتوصّل العلماء إلى طرقٍ مُعيّنة للوقاية من مرض ألزهايمر المبكر، لكن قد يمكن تقليل خطر الإصابة به، وذلك من خلال:

• تجنّب التدخين.
• الحفاظ على النشاط البدني وممارسة التمارين الرياضية.
• تناول الفواكه والخضروات وتقليل تناول الأطعمة المُصنّعة.
• علاج الأمراض التي تُعانِيها، مثل أمراض القلب أو السكري أو الاكتئاب.
• البقاء نشيطًا اجتماعيًا متواصلًا مع الآخرين.
• القيام ببعض الأنشطة التي تزيد نشاط الذهن، مثل حل الأحجية أو القراءة أو تعلّم اللغات.
• تجنّب الأنشطة التي قد تُسبِّب إصابة الدماغ، مثل الملاكمة.