فحص سرطان الثدي وأشكاله وطرق الوقاية منه
قد لا يظهر سرطان الثدي إلّا متأخرًا في مراحل يصعب علاجها خلالها، ومِنْ ثَمّ فإنّ معرفة كيفية فحص الثدي أمر ضروري للكشف عن السرطان مبكرًا حال الإصابة به، والحصول على علاجه بما يمنع تفاقمه، لكن ما الاختبارات التي تساعد على فحص سرطان الثدي؟ وكيف تفحصين نفسك في المنزل للتأكّد من سلامة الثدي؟
أهمية الفحص المبكر لسرطان الثدي
إنّ الفحص المبكر لسرطان الثدي ضروري لرصد السرطان مبكرًا، فحسب جمعية السرطان الأمريكية، فإنّه عند اكتشاف سرطان الثدي مبكرًا ولم ينتشر بعد، فإنّ مُعدّل النجاة أو البقاء على قيد الحياة للخمس سنوات التالية تبلغ 99%.
وبالطبع تتراجع هذه النسبة كلّما تأخّر اكتشاف سرطان الثدي أو بلغ مراحل متأخرة أو انتشر إلى أعضاء الجسم الأخرى، بما يجعل رحلة العلاج مليئة بالصعاب، لذا فكلّما كُشِف سرطان الثدي مبكرًا، كان العلاج أسهل.
كيفية فحص سرطان الثدي
يمكن فحص سرطان الثدي وتشخيصه بطرق متعددة، يختار الطبيب المناسب منها لحالة المريض، وتشمل أهم هذه الطرق:
1. تصوير الثدي بالأشعة السينية (فحص ماموغرام)
تُستخدَم الأشعة السينية عالية الطاقة لالتقاط صور للثدي من الداخل، ولا يستغرق هذا الإجراء سوى 10 - 15 ثانية فقط؛ إذ يكون الثدي بين لوحين للأشعة السينية، تضغطان بقوة معًا لالتقاط صور واضحة للثدي.
التخليق المقطعي
يُعرَف أيضًا بالتصوير الشعاعي ثلاثي الأبعاد للثدي؛ إذ يلتقط صورًا للثدي من زوايا عديدة ويجمعها في صورة ثلاثية الأبعد، وقد يكون أفضل في العثور على سرطانات الثدي الصغيرة، خاصةً في أنسجة الثدي الكثيفة.
2. فحص الثدي بالموجات فوق الصوتية
هو اختبار يعتمد على استخدام موجات صوتية عالية التردد للحصول على صورٍ للثدي من الداخل، إذ يُوضَع جل على الثدي، ثُمّ يُستخدَم مسبار الموجات فوق الصوتية على الجلد، وتظهر الصورة واضحة على الشاشة، وقد يستغرق هذا الاختبار 10 - 15 دقيقة.
3. تصوير الثدي بالرنين المغناطيسي
يعتمد فحص الثدي هنا على استخدام الرنين المغناطيسي لالتقاط صور لأنسجة الثدي، ولا يعتمد على الإشعاع كما في الأشعة السينية.
ويُستخدَم هذا الاختبار بصورةٍ أساسية للأشخاص المُعرّضين للإصابة بسرطان الثدي، أو من يمتلكن ثدي كثيف للغاية أو غرسات ثدي، كما يمكن استخدامه إذا كانت نتائج الاختبارات التصويرية الأخرى غير واضحة.
وقد يستغرق هذا الفحص ما يصل إلى 40 دقيقة، وهو غير مؤلم لكن قد يكون الصوت المُصاحِب له مزعجًا.
4. خزعة الثدي
قد يحتاج الطبيب إلى أخذ عينة من نسيج الثدي لكشف سرطان الثدي ومعرفة نوعه ودرجته؛ إذ يأخذ عينة صغيرة من الخلايا أو الأنسجة من الكتلة أو المنطقة المُصابة، ثُمّ تُفحَص تحت المجهر للبحث عن أي خلايا سرطانية.
وهناك طرق مختلفة لأخذ العينة، مثل:
5. التصوير المقطعي
قد يكون التصوير المقطعي البوزيتروني أو التصوير المقطعي المحوسب من الخيارات المُستخدَمة في فحص سرطان الثدي في المستشفى، إذ يُوفِّر صورًا مقطعية واضحة للثدي، وتساعِد على تحديد ما إذا كان سرطان الثدي قد انتشر أم لا، بالإضافة إلى تقييم فاعلية خطة العلاج وتحديد ما إذا كان السرطان قد عاد بعد العلاج أم لا.
6. التصوير الومضي للثدي
يعتمد هذا الاختبار على الطب النووي، للتحقّق من ورم الثدي الذي كُشِف في الاختبارات التصويرية السابقة.
وهذا الإجراء غير جراحي، ويتضمّن حقن المريض بمادة مشعّة أو دواء ينبعث منه نشاط إشعاعي، يتراكم بشكلٍ مختلف في أنواع الأنسجة المختلفة، مما يساعد الطبيب على معرفة ما إذا كان السرطان موجودًا أم لا.
7. اختبارات إضافية
قد تكون هناك حاجة إلى اختبارات أخرى إضافية، خاصةً إذا أظهرت الاختبارات السابقة وجود سرطان الثدي بالفعل، وتهدف الاختبارات التالية إلى التحقق مما إذا كان سرطان الثدي قد انتشر إلى أجزاء أخرى من جسمك أم لا:
- التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني: تُحقَن كمية صغيرة من محلول إشعاعي في الوريد في الذراع أو اليد، وأي مناطق سرطانية في الجسم ستحصل على كمية أكبر من المحلول الإشعاعي، وتظهر أكثر سطوعًا في الفحص.
فحص سرطان الثدي في المنزل
يمكن فحص الثدي في المنزل للمساعدة على كشف أي كتلة في الثدي مبكرًا، لكنّ الفحص المنزلي لا يكفي لمعرفة ما إذا كانت كتلة الثدي سرطانية أم لا، لكنّه ضروري لمعرفة ما إذا كانت حالة الثدي طبيعية أم لا، ولكشف أي تغيّر قد يطرأ عليه مبكرًا.
ويُفضّل إجراء الفحص المنزلي لسرطان الثدي بعد نهاية الدورة الشهرية، وحالة بلوغ سن اليأس أو عدم انتظام الدورة الشهرية، فيمكن للمرأة انتقاء أي يومٍ كل شهر لفحص الثدي، الذي يُجرَى على النحو التالي:
1. النظر في المرآة
- خلع القميص وحمالة الصدر والوقوف أمام المرآة.
- ضعي ذراعيك إلى جانبيك، وابحثي عن أي تغييرات في شكل الثدي أو في بشرته أو في الحلمات.
- بعد ذلك ارفعي ذراعيك عاليًا فوق رأسك، وابحثي عن نفس الأشياء.
- أخيرًا، ضعي يديك على وركيكِ واضغطي بقوة لجعل عضلات الصدر تنقبض.
- ابحث عن نفس التغييرات مرة أخرى، وتأكّدي من النظر إلى كلا الثديين.
2. الفحص الذاتي للثدي في أثناء الوقوف
- استخدمي يدك اليمنى لفحص الثدي الأيسر، ثُمّ العكس.
- باستخدام باطن أصابعك الوسطى الثلاثى، اضغطي على كل جزءٍ من الثدي، ضغط خفيف، ثُمّ متوسّط، ثُمّ أقوى.
- تحسسي وجود أي كتل أو بقع سميكة أو تغييرات أخرى.
- يُفضّل الحركة بشكلٍ دائري للتأكّد من المرور على كل منطقة.
- الضغط على اقدي بالقرب من الإبط.
- التحقق من المنطقة تحت الهالة، ثُمّ الضغط على حلمة الثدي للتحقّق من وجود إفرازات.
- تكرار هذه الخطوات مع الثدي الآخر.
3. الفحص الذاتي للثدي في أثناء الاستلقاء
- عند الاستلقاء ينتشر نسيج الثدي بشكلٍ متساو، ما يجعله في وضع جيد للشعور بالتغييرات، خاصةً إذا كان الثدي كبيرًا.
- استلقي وضعي وسادة تحت كتفك الأيمن، وضعي ذراعك اليمنى خلف رأسك.
- استخدمي يدك اليسرى لفحص الثدي الأيمن، ثُمّ العكس.
- باستخدام باطن أصابعك الوسطى، اضغطي على جميع أجزاء الثدي وتحت الإبط.
- استبدال الوسادة بالجانب الآخر، والتحقق من الثدي والإبط الآخر.
- التحقق من تحت الهالة، ثُمّ الضغط على حلمة الثدي للتحقّق من وجود إفرازات.
والفحص الذاتي أو المنزلي للثدي ليس بديلًا عن زيارة الطبيب أو إجراء فحص الثدي بالاختبارات التصويرية، مثل الأشعة السينية أو الموجات فوق الصوتية.
الفحص الجيني لسرطان الثدي
5 - 10% تقريبًا من حالات سرطان الثدي وراثية، بمعنى أنّ هناك طفرات جينية موروثة من أحد الأبوين تكون السبب غالبًا في سرطان الثدي، وأشهر طفرتين تتعلّق بسرطان الثدي، هما التغيرات في جينات BRCA1 وBRCA2.
وفي عام 2023، نصحت الكلية الأمريكية للأشعة بأن تتلقّى جميع النساء تقييمًا لخطر الإصابة بسرطان الثدي بحلول سن 25، وهذا التقييم يتضمّن الفحص الجيني.
وفي عام 2024، أصدرت الجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريري وجمعية جراحة الأورام توصيات تقول إنّ أي شخص يُشخّص حديثًا بسرطان الثدي يبلغ من العمر 65 عامًا أو أقل يجب أن يُجرِي اختبار جينات BRCA1 وBRCA2.
وتتضمّ الاختبارات الجينية الحصول على العديد من العينات، بما في ذلك الدم واللُّعاب والجلد، وتُرسَل العينة إلى المختبر، وقد تستغرق معالجتها عدة أسابيع.
شكل سرطان الثدي من الخارج
قد تكون هناك بعض التغيرات في شكل الثدي من الخارج، بما يوحي بالإصابة بسرطان الثدي، إذ تضمّ أهم تفاصيل شكل الثدي المصاب بالسرطان:
- تورّم الثدي كليًا أو جزئيًا.
- زيادة سُمك بعض أجزاء الثدي.
- تغيّر شكل أو حجم الثدي.
- وجود كتلة في الثدي.
- جلد منكمش.
- تراجُع الحلمة أو انقلابها إلى الداخل.
- إفرازات غير طبيعية من حلمة الثدي.
- طفح جلدي على الحلمة أو الثدي.
شكل الثدى من الداخل في الأشعة
بدايةً فإنّ الشكل الطبيعي لأشعة الثدي يتضمّن خلفية سوداء، ويظهر الثدي باللون الرمادي والأبيض، وإنّ نسيج الثدي الأكثر كثافة يظهر أبيضًا، بما فيه من نسيج ضام وغدد.
وهذا النسيج الكثيف قد يكون من الصعب رصد سرطان الثدي فيه، فلا تكفي معه الأشعة السينية عادةً، ويتطلّب المزيد من فحص الثدي بطرقٍ تصويرية أخرى، مثل الموجات فوق الصوتية.
فأورام الثدي تبدو أيضًا كثيفة وتظهر بلونٍ أبيض في الأشعة السينية.
جديرٌ بالذكر أنّ نسيج الثدي تقل كثافته مع تقدّم العمر، ومِنْ ثَمّ يكون رماديًا في الأشعة، كما أنّ ثدي كل امرأة يختلف عن الأخرى، فل تكون هناك صورتان للثدي مثلًا متشابهتَين.
شكل سرطان الثدي في الأشعة
إنّ أي منطقة تبدو مختلفة عن النسيج العادي تستدعي القلق، ويبحث مختص الأشعة عن مناطق الأنسجة البيضاء عالية الكثافة في الأشعة ويلاحظ حجمها وشكلها وحوافّها، فكتلة أو ورم الثدي يظهر في صورة منطقة بيضاء مركزة في الأشعة السينية أو يمكن أن تكون ظلالًا رمادية، كما أنّ الورم قد يكون حميدًا أو سرطانيًا.
شكل إفرازات الثدي الطبيعية
قد لا تستدعي إفرازات حلمة الثدي القلق إذا كانت:
- شفافة أو صفراء أو بنية أو خضراء أو بيضاء.
- تخرج من كلا الثديين.
- تحدث فقط عند الضغط على الحلمة.
- قادمة من قنوات الحليب داخل الثدي.
متى تكون إفرازات الثدي غير طبيعية؟
وقد تكون إفرازات الثدي غير طبيعية إذا كانت:
- دموية.
- تخرج من ثديٍ واحد فقط.
- تخرج تلقائيًا دون لمس أو الضغط على حلمة الثدي.
- مصحوب بأعراض، مثل آلام الثدي أو الاحمرار أو التورّم أو تغيّرات في شكل الحلمة.
شكل إفرازات الثدي المصاب بالسرطان
تُعدّ إفرازات الثدي غير الطبيعية من العلامات التي قد تدلّ على وجود سرطان بالثدي، ما قد يتطلّب فحص الثدي.
وقد تكون إفرازات حلمة الثدي الدموية أو الشفافة علامة على سرطان الثدي، خاصةً إذا كانت تخرج من حلمة واحدة فقط، كما قد يكون ذلك مصاحبًا لوجود كتلة أو ورم في الثدي.
شكل الطفح الجلدي لسرطان الثدي بالصور
سرطان الثدي الالتهابي من السرطانات النادرة، والتي قد تُسبِّب طفحًا جلديًا للثدي، وهو لا يبدأ بكتلة أو ورم يمكن الشعور به، بل تتضمّن أعراضه:
- تغيّر لون مناطق من الجلد إلى لون وردي أو أحمر أو أرجواني، تغطّي عادةً أكثر من ثلث الثدي.
- طفح جلدي مستمر.
- الحكّة المستمرة والألم أو الشعور بحرقة، كما قد يكون أحد الثديين أكثر دفئًا من الآخر.
- تغيّرات الحلمة بما في ذلك انقلابها إلى الداخل.
- جلد الثدي شبيه بقشر البرتقال.
وقد لا يصحب الطفح الجلدي لسرطان الثدي حكّة، كما أنّ هناك أسباب أخرى للإصابة بطفح جلدي في الثدي غير السرطان، مثل:
- التهاب الثدي.
- خُرّاج الثدي.
شكل حبة سرطان الثدي
قد تكون كتلة الثدي السرطانية صلبة، وليست طرية أو اسفنجية، كما غالبًا ما تكون حوافّها غير منتظمة وغير متماثلة، كما قد تكون أكثر ثباتًا في مكانها وغير متحركة، لكن تُساعِد طرق فحص الثدي أو الاختبارات التصويرية في التأكد من وجود سرطان الثدي من عدمه.
طرق الوقاية من سرطان الثدي
قد تساعد بعض النصائح في تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي، خاصةً لدى السيدات اللاتي أكثر عرضةً للإصابة به، ومن أهم تلك النصائح:
1. زيادة النشاط البدني
ثبت أنّ النشاط البدني يساعد على تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي، لذا يُنصَح بممارسة التمارين الرياضية لمدة 30 دقيقة على الأقل يوميًا، فحتى التمارين البسيطة، مثل المشي الخفيف قد تكون مفيدة في تحسين النشاط البدني.
2. الحفاظ على الوزن الصحي
تُعدّ السمنة وزيادة الوزن من عوامل خطر الإصابة بسرطان الثدي، لذا فإنّ الحفاظ على الوزن الصحي قد يكون من طرق الوقاية من سرطان الثدي، وقد يساعد على ذلك ممارسة التمارين الرياضية بانتظام واتباع نظام غذائي صحي.
3. اتّباع نظام غذائي صحي
يساعد النظام الغذائي الصحي في الحفاظ على الوزن وتعزيز الصحة، وأيضًا تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي، فقد أشارت بعض الأبحاث إلى أنّ اتباع نظام غذائي غني ببعض الأطعمة قد يكون مفيدًا، مبا في ذلك:
- الخضروات الورقية.
- البذور والمكسرات.
- الحبوب الكاملة.
- الفواكه.
4. الحمل مبكرًا
أظهرت الأبحاث أنّ عدم إنجاب الطفل الأول حتى بلوغ منتصف الثلاثينيات أو بعد ذلك، يزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي، لذا يُنصَحح بالحمل باكرًا إن أمكن ذلك.
5. الرضاعة الطبيعية
ربطت العديد الدراسات بين الرضاعة الطبيعية وانخفاض خطر الإصابة بسرطان الثدي، ربّما لأنّه يقلل العدد الإجمالي للدورات الشهرية، لذا فالرضاعة الطبيعية مُفضّلة كلّما أمكن ذلك.
6. تجنّب العلاجات الهرمونية
قد يؤدي تناول أدوية منع الحمل أو العلاجات الهرمونية بعد انقطاع الطمث إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي، لذا يُفضّل تجنّبها أو تقليل جرعتها أو البحث عن بدائل أخرى أقل ضررًا.
7. فحص الثدي بانتظام
إنّ فحص الثدي المنزلي المنتظم وكذلك إجراء اختبارات تصويرية للثدي بين الحين والآخر قد يساعد على تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي أو على الأقل كشفه مبكرًا بينما يسهل علاجه قبل أن يتفاقم؛ إذ تُنصَح لسيدات اللاتي تجاوزن 40 عامًا بتصوير الثدي بالأشعة السينية مرة سنويًا.



اترك تعليقا