أعراض مقاومة الإنسولين وكيف تحافظ على استقرار مستويات السكر؟
لا يحدث مرض السكري فجأة عادةً، وإنّما تسبقه مراحل غالبًا؛ إذ بدلًا من أن ينتقل السكر من الدم إلى خلايا الجسم على يد الإنسولين، تقِف الخلايا ذاتها حائط صدٍ أمام الإنسولين، بما يُبقِي السكر في الدم متراكمًا، يستمرّ في الارتفاع، وهذا ما يُعرَف بـ"مقاومة الإنسولين"، التي لو استمرّت دون علاج، قد تُفضِي إلى مرض السكري من النوع الثاني.
فما اعراض مقاومة الانسولين لرصدها مبكرًا؟ وكيف يمكن علاج مقاومة الإنسولين والوقاية منها؟
ما هي مقاومة الإنسولين؟
مقاومة الإنسولين هي بإيجاز عدم استجابة جسمك للإنسولين بالطريقة التي تنبغي، فمن المُفترَض أنّ هرمون الإنسولين الذي يفرزه البنكرياس، ينقل الجلوكوز (السكر) داخل خلايا الجسم كي تستخدمه لإنتاج الطاقة.
لكن قد لا تستجيب الخلايا للإنسولين، بما يؤدِّي إلى تراكُم السكر في الدم وارتفاع مستوياته، فيُنتِج البنكرياس مزيدًا من الإنسولين، لمحاولة التغلب على مستويات الجلوكوز المتزايدة في الدم، وتلك هي حالة مقاومة الإنسولين، التي قد تتطوّر إلى مرض السكري من النوع الثاني إذا استمرّت مستويات السكر في الارتفاع.
أسباب مقاومة الإنسولين
قد تزيد بعض العوامل خطر الإصابة بمقاومة الإنسولين، منها على سبيل المثال:
-
زيادة الوزن أو السمنة، أو حجم خصر كبير.
-
أن يكون عمرك 35 عامًا أو أكثر، ومع ذلك يمكن أن يصاب الأطفال والمراهقون أيضًا بمقاومة الإنسولين، لكن الخطر يزداد مع تقدُّم الشخص في العُمر.
-
تاريخ عائلي للإصابة بمرض السكري.
-
قلّة النشاط البدني.
-
التدخين، بما في ذلك استخدام السجائر الإلكترونية أو حتى الاختلاط بالمُدخِّن.
-
سبق الإصابة بمرض السكر خلال الحمل، أو ولادة طفل يزن 4 كيلوجرام أو أكثر.
-
الإصابة بأمراض أو مشكلات أخرى، مثل متلازمة تكيس المبايض، أو متلازمة كوشينغ، أو ضخامة الأطراف، أو انقطاع التنفس في أثناء النوم.
-
تناول بعض الأدوية، مثل الجلوكوكورتيكويدات، أو مضادات الذهان، أو أدوية فيروس نقص المناعة البشرية.
اعراض مقاومة الانسولين بالتفصيل
تتسبّب مقاومة الإنسولين في ارتفاع مستويات السكر في الدم عن الحدّ الطبيعي، بما يجعل اعراض مقاومة الانسولين تضمّ عادةً:
-
العطش أو الجوع الشديد.
-
الشعور بالجوع حتى بعد تناول الطعام.
-
زيادة أو تكرار التبول.
-
إحساس الوخز في اليدين أو القدمين.
-
الشعور بالتعب أكثر من المُعتاد.
-
تكرر الإصابة بالعدوى.
-
إظهار نتائج فحوصات الدم ارتفاع مستويات السكر في الدم.
وقد يُصاب بعض الأشخاص الذين يعانُون مقاومة الإنسولين أيضًا بـ"الشُوَاك الأسود"، وهي بقع مخملية داكنة تظهر غالبًا على مؤخرة الرقبة والفخذ والإبطين.
ويظنّ الخبراء أنّ الإنسولين -بشكل مباشر أو غير مباشر- يُنشِّط مستقبِلات عامل النمو المشابه للإنسولين 1 (IGF-1) في أنواع من خلايا الجلد، بما يؤدي إلى نمو وتطوّر "الشواك الأسود".
جدير بالذكر أنّه في حالة عدم وجود اعراض مقاومة الانسولين واضحة، فقد يرصد الطبيب مقاومة الإنسولين أو مقدمات السكري من خلال الاختبارات المعملية.
ما الأمراض التي قد تصاحب مقاومة الإنسولين؟
قد تحدث تغيّرات في الأوعية الدموية لدى المصابين بمقاومة الإنسولين، كما ترتبط مقاومة الإنسولين بكثيرٍ من الأمراض، مثل:
-
ارتفاع ضغط الدم.
-
متلازمة التمثيل الغذائي (تتضمّن ارتفاع ضغط الدم وزيادة محيط الخصر)، التي قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب، أو مرض السكري، أو السكتة الدماغية.
-
مرض الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي.
-
السمنة أو زيادة حجم الخصر.
-
ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية أو الكوليسترول في الدم.
ما الفرق بين مرض السكر ومقاومة الإنسولين؟
ثمّة فرق بالتأكيد بين مقاومة الإنسولين ومرض السكري من النوع الثاني، وتُعدّ مقاومة الإنسولين مرحلة سابقة لمرض السكري من النوع الثاني، وفيما يلي أبرز نقاط التلاقي والاختلاف بين المُشكلتَين:
أوجه التشابه
تحدث مقاومة الإنسولين عندما لا تستجيب خلايا الجسم جيدًا أو تكون مُقاوِمة للإنسولين، ومِن ثمّ يستجيب البنكرياس بإنتاج مزيد من الإنسولين لمحاولة الحصول على استجابة، بما يتسبّب في ارتفاع مستويات الإنسولين في الدم.
وبمرور الوقت، يمكن أن تؤدي مقاومة الإنسولين إلى الإصابة بمقدِّمات السكري، وإذا لم تُتخذ التدابير اللازمة للعلاج، فقد يتطوّر الأمر إلى مرض السكري من النوع الثاني، بل كُلّما زادت مقاومة الإنسولين لدى شخص مصاب بالسكري، أصبح من الصعب السيطرة على مستويات السكر في الدم.
ويحدث مرض السكري عندما تكون مستويات السكر في الدم مرتفعة جدًا، لأنّ البنكرياس لا ينتِج ما يكفي من الإنسولين أو لأنّ الجسم لا يستخدم الإنسولين الذي يُنتِجه بشكلٍ صحيح.
وتهدف بعض أدوية مرض السكري من النوع الثاني إلى جعل الخلايا أكثر حساسية للإنسولين (عكس مقاومة الإنسولين)، مثل دواء ميتفورمين، الذي يُستخدَم عادةً لزيادة حساسية الإنسولين.
أوجه الاختلاف
رغم أوجه التشابه بين مقاومة الإنسولين ومرض السكري من النوع الثاني، فليس كل مُصاب بمقاومة الإنسولين مصاب بمرض السكري، كما أنّ ليس كلّ مُصاب بمرض السكري مصاب بمقاومة الإنسولين أيضًا.
صحيح أنّ مقاومة الإنسولين يمكن أن تتطور إلى مرض السكري من النوع الثاني، لو تُركت بلا علاج، لكنّها مرتبطة بأمراض أخرى أيضًا، مثل:
-
متلازمة تكيس المبايض.
-
متلازمة التمثيل الغذائي.
-
مرض الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي.
-
أمراض القلب.
كذلك فإنّ مقاومة الإنسولين ليست مرضًا مزمنًا، بل يمكِن التغلب عليها، بينما مرض السكري من النوع الثاني مرض مزمن، ولا يمكِن عكسه أو استعادة الوضع الطبيعي، ولكن يمكن علاجه بتغييرات نمط الحياة، مثل النظام الغذائي والنشاط البدني، أو استخدام الأدوية المناسبة للسيطرة على مستويات السكر في الدم.
تشخيص مقاومة الإنسولين
يمكِن تشخيص مقاومة الإنسولين من خلال بعض الاختبارات، مثل:
1. اختبار السكر التراكمي (A1C test)
يقيس هذا الاختبار متوسط نسبة السكر في الدم خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر الماضية، وهذه معانِي نتائجه:
-
طبيعي إذا كان السكر التراكمي أقل من 5.7%.
-
مقدِّمات السكري إذا كان السكر التراكمي بين 5.7% إلى 6.4%.
-
مرض السكري إذا كان السكر التراكمي مساويًا 6.5% أو أكثر.
2. اختبار سكر الدم الصائم
يتطلّب هذا الاختبار عدم تناول الطعام أو الشراب لمدة 8 ساعات على الأقل، وحال الحصول على نتيجة مرتفعة، فقد تحتاج إلى اختبار ثانٍ بعد بضعة أيام لتأكيد النتيجة، فإذا كانت نتائج الاختبارين مستويات عالية من سكر الدم، فقد يُشخِّص الطبيب مقاومة الإنسولين أو مرض السكري.
أمّا دلالة نتيجة اختبار السكر في الدم، فتشمل:
-
طبيعي إذا كانت مستويات السكر في الدم خلال الصيام أقل من 100 ملليجرام/ديسيلتر.
-
مقدمات السكري إذا كانت بين 100 - 125 ملليجرام/ديسيلتر.
-
مرض السكري إذا كانت تساوي أو تزيد على 126 ملليجرام/ديسيلتر.
3. اختبار الدهون
قد تزداد مستويات الدهون في الدم أيضًا، حال المعاناة من مقاومة الإنسولين أو مرض السكري، لذا قد يُوصِي الطبيب بإجراء اختبارات لمستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية في الدم.
كيفية علاج مقاومة الانسولين والوقاية منها
لا تُوجَد أدوية مُخصّصة لعلاج اعراض مقاومة الانسولين، وإنّما للتحكّم في نسبة السكر في الدم، خاصةً للمُصابين بمرض السكري، وفيما يلي أبرز طرق علاج مقاومة الإنسولين:
1. نمط الحياة الصحي
يساعد العيش بطريقة صحية على الوقاية من مقاومة الإنسولين أو التغلّب عليها، وإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي، بما يتضمّنه ذلك من:
-
تناول طعام صحي، وقد يوصِي الطبيب بتقليل تناول الكربوهيدرات والدهون غير الصحية، بما يتضمنه ذلك من تناول كميات أقل من السكر واللحوم الحمراء والنشويات المُصنّعة، وعوضًا عن ذلك تناول مزيد من الخضراوات، الفواكه، الحبوب الكاملة، الأسماك، الدواجن الخالية من الدهون.
-
ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
-
الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم كل ليلة.
وبمرور الوقت من شأن هذه التغييرات أن:
-
تقلّل مقاومة الإنسولين.
-
تضبط مستويات السكر في الدم.
-
تخفض نسبة الدهون الثلاثية والكوليسترول السيء في الدم.
-
زيادة مستويات الكوليسترول الجيّد.
2. الحفاظ على الوزن
أظهرت دراسة بحثية ممولة من المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة، لبرنامج الوقاية من مرض السكري، أنّ فقدان 5 - 7% من الوزن الأوّلي بالنسبة للمعرضين لخطر كبير للإصابة بمرض السكري، ساعد على تقليل فرص إصابتهم بالمرض.
لذلك فإنّ خسارة الوزن الزائد ضروري سواء كنت تعاني مقاومة الإنسولين أو مرض السكري، ويُنصَح بالعمل مع اختصاصي التغذية لمساعدتك على خسارة 5 - 7% على الأقل من الوزن.
3. الأدوية
قد تُوصَف بعض الأدوية من قِبل الطبيب، وهي ليست بديلًا عن نمط حياةٍ صحي، وإنّما وسيلة للمساعدة على ضبط مستويات السكر في الدم والوقاية من مرض السكري من النوع الثاني، وذلك مثل دواء ميتفورمين، فهو دواء يساعد على تأخير الإصابة بمرض السكري، خاصةً لـ:
-
النساء اللاتي سبقت إصابتهن بسكري الحمل.
-
المصابين بالسمنة.
-
البالغين من الشباب.
لكن يجب استشارة الطبيب لمعرفة ما إذا كان الدواء مناسبًا أم لا، وكيفية تناوله بأمان لتجنّب آثاره الجانبية.
كما قد يصف الطبيب أدوية لعلاج المشكلات الصحية المتزامنة مع مقاومة الإنسولين، مثل أدوية ضغط الدم المرتفع أو أدوية الكوليسترول.
ما الأكلات الممنوعة لمرضى مقاومة الإنسولين؟
يجب تجنّب الأطعمة التي قد تزيد مستويات السكر في الدم لمرضى مقاومة الإنسولين، وكذلك الدهون غير الصحية، وفيما يلي قائمة الأكلات الممنوعة:
-
الأرز.
-
الخبز.
-
رقائق البطاطس.
-
الحلوى.
-
المعجنات.
-
عصائر الفواكه.
-
المقرمشات.
-
المشروبات المُحلّاة.
ما هو أفضل فيتامين لمقاومة الإنسولين؟
لا توجد أدلّة على مكملات قادرة على علاج مقاومة الإنسولين على المدى الطويل، لذا يُنصَح بالتركيز على الطعام الصحي والنوم جيدًا والنشاط البدني، فيما قد تساعد المكملات الغذائية فقط إذا كان لديك نقصًا في عنصر غذائي مُعيّن.
ما هو أفضل مشروب لمقاومة الإنسولين؟
أكّدت عديد الدراسات فاعلية الشاي الأخضر في زيادة حساسية الإنسولين وتقليل مستويات السكر في الدم، مثل مراجعة عام 2016 المنشورة في مجلة "Obesity Reviews"، ومع ذلك فهناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لتأكيد فوائد الشاي الأخضر لمقاومة الإنسولين، خاصةً أنّ النتائج مختلطة على المدى الطويل، فيما يتعلّق بالحفاظ على مستويات السكر في الدم.



اترك تعليقا